التخطي إلى المحتوى الرئيسي

جريدة صوت فلسطين والقدس للأدب والشعر-حب فيسبوكي- بقلم الشاعره هديرالبحر

حب فيسبوكي

في قرية من القرى، كانت عائلة فقيرة تملك أرضا زراعية، رغم ذالك استطاع الأب أن يدرس أبناءه بجد وتعب شديد ، لينقذهم  من تباعيات الجهل والفقر٠
من ضمن أبناءه كان يحب إبنته الكبرى حبا شديدا،لأنها كانت تمتاز عن باقي اخوانها الست بالذكاء  ونجاحها المستمر٠
في دراستها كانت تحتاج كثيرا إلى الحاسوب لتقوي معرفتها أكثر، طلبت من أبيها  مرارا وتكرارا على ان يوفر لها الحاسوب ،لأنه  أصبح الأمر مهما لطبع بحوثها والبحث عن بعض المواضيع،
اظطر الأب أن يبيع بعض  من غنمه ليوفر لها طبعا الكوبيوتر٠
فرحت فرحا شديدا عندما لبى لها رغبتها، عانقته بشدة  وقالت لها في يوم من الأيام سوف أرد جميلك هذا أضعافة٠
ابتسم الأب ودعا لها بالحظ الطيب٠
عززت دراستها بالجهاز مما توالت تفوقها ونجاحها كل سنة لم تخيب ظن أبوها  منها٠
في يوم من الأيام،كان هناك شخص يرسل إليها عبارات الحب ،كانت تصده كثيرا لأن هدفها الأساسي  الدراسة٠
هذا الشاب لم ييأس أبدا  في  ملاحقتها بعبارات الحب ٠
وأثناء دخولها للجهاز قصد البحث عن موضوع
مهم  كلفها الأستاذ  بإعداده٠
فجأة ظغطت بالغلط على زر الرسائل فوجدت مئات الرسائل لهذا الشاب،فجعلها الفضول ان تقرأها ٠
ومع مرور الأيام  أصبح  الحب يجمعهما.وتمكن أخيرا من سلب قلبها منها وعشقته لحد الجنون .
في اليوم الذي لايرسل لها الرسائل تكتئب تغيرت طبعا  دراستها لانها لم تعد تفكر إلا في حبه .
أرسل  لها رسالة وقال لها سوف أحضر لرؤيتك وأن  حبي لك لا يستطيع الإنتظار،
كانت فرحتها  لا توصف،  وأخيرا سوف أرى  حبيبي ! با لها من سعادة  جعلتها ترقص فرحا بقدومه !؟
جاء اليوم الموعود تقابلا بشوق كبير وبلهفة الحب أخذ  عذريتها ،أكد لها انه سوف يرجع إلى مدينته ويأتي بأمه فورا .لم تستوعب حينها ماذا حصل لها ،كان يبدو الامر عاديا
لانه وعدها بالزواج وسوف يحضر لخطبتها
انقطع خبره ورسائله معه ،فدخلت في حزن عميق جدا وتركت له آلاف الرسائل لكن لم تحظى بالرد،وفجأة وهي تفتح الجهاز وجدت رسالته يخبرها فيها   بأنها لا تليق به وأنها علاقة عابرة فقط. و لدي خطيبتي أحسن منك لا تفرط يشرفها مهما حاولت معها ،لهذا انا متمسك بها،اذا انسيني ولا تفكري  بأمري،
المسكينة سقطت في الأرض مغمى عليها
لم تصدق  ما حدث لها  وكيف كل ذاك الحب
الذي  جمعهما  مجرد  وهم وخيال،
  آه لها من صدمة!
كانت قد أنهت  دراستها الثانوية.وتغيراتها في المنزل  بدت عليها بشكل ملحوظ ،جعل الكل يسأل  عنها٠
كانت تفكر في الانتحار، و تفكر في أبيها وأمها وفرحتهم بها ،لم تعد تنام ولا تأكل  أصبحت هزيلة ٠
وذات يوم سمعت صوت يناديها  فاطمة! فاطمة! وتراءت لها عجوز في وسط الظلام .لتخبرها بأن   لا تيأس فالحياة أمامها طويلة ولازم تكتمي  سرك وتعيد نشاطك من جديد  تكررت الرؤيا عندها كم مرة .وفعلا أخذت  بكلام العجوز ،واستعادت نشاطها وفرح بها أخواتها  ورجعت البسمة من جديد الى وجهها٠
وفي فترة حزنها ، نسيت أن  الدورة لم تأتيها
مدة ثلاثة أشهر  ، وجدت نفسها حامل
يا أسفاه على حظها ،فكرت في الهروب  ولم تجد وسيلة إلا  حجتها بان تتابع دراستها الجامعية في المدينة ،وافق أبوها على ذالك وجمعت كل الأوراق الازمة  بها، تودع والديها والبكاء شديد عليها لأن  غرضها الهروب ويمكن أن لاتراهم مرة ثانية٠
اخذت القطار متوجهة إلى المدينة القريبة الى قريتهم  وهي دمعتها على خذها  لا تتوقف. مما أخذ فضول  زوجين جالسين أمامها  بسؤالها.
مابك ياإبتي هل في شيء جعلك تبكي كل هذا البكاء!؟
لم تستطع أن تقاوم دموعها الحارة وحزنها على فراق أهلها٠
 بعد إلحاح  كبير استطاعت أن تخبرهما بما حدث لها وكيف استطاع هذا الذئب  ان يأخذ عذريتها بدافع الحب.
نظرت إلى  زوجها نظرة طويلة كأنهما كان يتحدثان من خلال الأعين ، توافقها الرأي  وهز رأسه إليها٠
طبطبت المرأة على كتفها ،فقالت لها
يابنيتي عندي حل لمشكلتك طبعا بعد اذنك.
قولي ياأماه فأنا تحت تصرفك!
قالت زوجي طبيب وانا عقيم لا ألد اذا كنت ترغبين ان تتابعي دراستك وتنسي كل ما حدث لك فولدك تتبناه نحن  وتكوني معنا طول العمر ، وكل طلباتك منفذة
لم تعط فاطمة وقتها لتفكير في الأمر لأن بدا
لها الأمر  كأن الله وضع في طريقها هذه المرأة
لتزيح همومها٠
اشترطت عليها أن  تغير هذه المدينة وتذهب معاه إلى  مدينة أخرى فوافقت على الحال،٠
تابعت دراستها وفي وسط السنة الدراسية جاءها المخاض وأسرع بها الطبيب الذي تبنى حالتها  ومعه زوجته.
 دخلت  لغرفة العمليات وهي تصرخ بكل قواها.
فقد حمد الطبيب على مولود واحد  فأكرمه الله بثلاث توائم . يالها من مفاجاة القدر!
ولدان وبنت ، لم تسعه الفرحة عندما رآهم كأنهم جزء  منه ٠
توالت نجاح  فاطمة أمام  أعين أولادها
وفرحتها الشديدة بالمرأة و زوجها  .
كانت تناديها أمي  وتنادي زوجها أبي .
جاءت العطلة الصيفية كان ملزم عليها أن تذهب للقرية لرؤية عائلتها. فتركت أولادها غصبا عنها مرغمة ٠كل الطريق وبالها معهم
لحين وصلت الى بيتها فرح بها أبوها  فرحا شديدا ،لأن  إبنته اصبحت  دكتورة ،تفاخر بها أمام  القرية  سعادته لا توصف٠
وفجأة كلمها أبوها على أن إبن عمها يريد الزواج بها ،فرفضت  بدعوى أنها مازالت تكمل تخصصها في الطب ٠
مرت سبع سنوات كبر أولادها  أمامها  بفضلك الطبيب، كل الأبواب كانت مفتوحة أمامها وساعدها في ذالك دعواتها لله ان يسخر لها الأمور ٠
 النقود التي كان أبوها يرسلها إليها كانت تجمعها  مع منحة الدراسة  مدة عشر سنوات لم تأخذ منها ولا ريال.
رن هاتف فاطمة لحظة وقال لها بأن عمها توفي واولاده يريدون بيع الأراضي التي بجانبهم ،وقال لها انه يحب يشتريها ولكن المال لا يكفيه لذالك٠
فأجابته  قائلة  يا أبي  اعتبر  الأرض  ملكك
من الآن ٠ ماذا تقولين من جد !؟
لم تسعه الفرحة فأصبحت  لديه مزرعة كبيرة
بمعنى الكلمة٠
بنت فاطمة إسطبلا للخيول، وزريبة بعيدة عن المنزل  كما ساعدت أبوها في جلب عمال له ويبقى هو في الإشراف ٠
الله ! كيف  تغير الحال  إلى الأحسن
جاءتها مكالمة من المستشفى  بأن هناك حالة
طارئة تدعوا  للإستعجال ،
ذهبت مسرعة   حضروا غرفة العمليات للمريض كان يعاني من نوبة قلبية.
عند قراءتها للملف وجدت إسما ليس بغريب عنها فتأكدت  من وجهه فقالت في نفسها هذا انت !  جاءتها لحظة الإنتقام  بين يديها ،وسوس لها الشيطان ان تعطيه جرعة زيادة من المخدر.
تذكرت كيف نصفها الله وأكرمها بعد ما ضمر هذا الذئب حياتها،فكرت في مهنتها وأداء  القسم  فتركت الأمور  إلى الله سبحانه.
تأكدت  فاطمة من نجاح العملية  وتركته،
عندما أستفاف ،قالت له إحدى الممرضات لولا الدكتورة كنت الآن  في تعداد الموتى٠
طلب من الممرضة ان تحضر الدكتورة ليشكرها وبعد إلحاح كبير لها اتصلت بالدكتورة تعلمها بالخبر وأن  المريض يريد رؤيتها،لم تقبل في الأول  وبعد ذالك عزمت الأمر  بان تواجهه ،وقفت أمامه فلم يعرفها فنادت الممرضة بكنية الدكتورة فاصفر وجهه
خجلا منها وقال لها : هل أنت فاطمة  بنت فلان الساكنة بتلك القرية!قالت نعم تلك التي اغتصبتها بدافع الحب وتركتها بدون رحمة هيا أكمل .أنظر كيف الله سبحانه وضعك بين يدي لولا مخافته لقتلتك حينها٠
بكى بكاءا شديدا قالت  لما الآن تبكي اتريدني أن   اسامحك لا ابدا ؟لاتحلم!
قال لها فقد إنتقم مني القدر كفاية! كيف! فتلك المرأة  التي تزوجت بها،و كنت اتباهى بها أمام الملأ ليست عذراء فكانت اول صدمة لي حينها لم أقل  شيء سكت فتذكرتك حين سخرت منك وتركتك هكذا بدون ان اابه لك.هذه الأولى والثانية عندما اغتصبت إبنتي وهي عائدة  من المدرسة في سن العاشرة،
فقد انتقم الله إليك وزيادة ناهيك على طردي من العمل٠
فجأة وجدت  فاطمة نفسها تسجد لله حمدا وشكرا له ٠
طلب منها السماح فقالت لك  يكفيك مااصابك٠
اخذت فاطمة عائلتها  الجديدة إلى المزرعة  ليري أولادها الخيول  ويتعرفوا على عائلتها
لانها كانت كثيرة التحدث عليهم عند أمها طبعا ،لم تقل لها أنها لها أولاد فالسر  كان بين الثلاث٠
في ليلة جميلة أقام  الأب مأدبة  عشاء فرحا بهم وبما قدموه لإبنتهم فاطمة٠
انذاك ظحكت المرأة  كثيرا مع أطفالها  وقعت فجأة في الأرض
وأخذوها في الإسعاف  لجهة الطوارئ  مع ان زوجها طبيب وابنتها المتبناة دكتورة استطاعت أن توفر لها كل العناية ،لكن نتيجة التحاليل كانت سلبية  مرض السرطان!
كانت تعرف نفسها  مريضة فأخفت الامر عنهما
مسكت يدا زوجها وفاطمة وقالت اذا ماسامح الله  مت ، فاطمة زوجتك من الآن  ،بكت فاطمة على فراقها بكاءا شديدا ٠
الآن كيف سوف تعيش مع الرجل الذي اعتبرته  أبوها وكيف ستقول للعالم أن الأولاد أولادها
لا دليل عندها ،وماذا سيقول الناس عنها وهي وحدها مع الرجل في البيت !؟
ماعليها إلا  أن رضخت للأمر  الواقع  وتزوجته ،أصبح  الآن كل ملكها أولادها بيتها ، يعني كافأها القدر على تحملها وصبرها وكتمانها٠
المفاجأة التي لم تكن على بالها  بأن  يكون لها ولد اخر من هذا الرجل .فرحت ونسيت كل ماكان يؤلمها ٠
فاستطاعت ان تربي إبنها  الرابع مع أولادها الثلاث٠
كانت فاطمة تفكر كيف  تقول لأولادها
بأن هذا أبوهم  بالتبني،
في ليلة عزمت الأمر  بان  تخبرهم بالحقيقة مع زوجها،فعلا قالت لهم  ٠
صرخ الولد قائلا :
كيف هذا! لا انت تمزحين !
امسكهم  أبوهم  أمامه  بأسلوبه الخاص
فاعترف لهم بأن فاطمة أمهم  الحقيقية وان أبوهم  مازال على قيد الحياة٠
حزنوا حزنا شديدا، فطلبوا منهما ،رؤية أبوهم  الحقيقي٠
فعلا ذهبت فاطمة لأرشبف المستشفى أخذت  عنوانه ،وذهبت بأولادها إليه٠ وقفوا عليه وهو ثمل وجلسوا أمامه وسأله واحد من أبناءه.
ما الذي  جعلك تصل الى هذه الحالة
فحكى لهم حكايته وعندنا  انتهى قال انتقام الله ، فكفا انتقامه٠
والثاني قال أليس لك أولاد  ؟
فرد. اين هما ولد عاصي والديه
وبنتي لما حدث لها ذالك الأمر  فمن يتزوجها ؟
لم يقولوا شيئا لوالدهم عادوا بأدراجهم الى السيارة في كنف والدهم المتبني  وأمهم،
فحمدوا الله عليهما.
فكانت النتيجة  من حفر حفرة وقع فيها...

من اقتباس هدير البحر

تعليقات